متحدثون: هدر الطعام هو السبب الرئيس في ارتفاع الأسعار.. ورفع الدعم سيسهم في خفض هدر الطعام
ليلى مجرشي: أكد متحدثون في “مؤتمر إطعام الدولي” الأول الذي افتتح جلسته الأولى صباح اليوم بمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني بعنوان “بنوك الطعام .. الفكرة والحاجة” أن كل ثلاث ثوان يموت شخص من الجوع حول العالم، مشيرين إلى أن المملكة تهدر تقريباً جميع ما تنتجه سنوياً، وتهدر ما يقارب 50 طنًّا من الخضراوات في المقابل “12 %” من سكان العالم لا يجدون الغذاء! مضيفين أن هدر الطعام هو السبب الرئيس في ارتفاع الأسعار، فيما سيسهم رفع الدعم عن السلع في خفض هدر الطعام.
وكشفت إحصاءات، أُعلنت في المؤتمر، عن أن نسبة إهدار الأرز فقط في السعودية تتراوح بين 35% و40%، بقيمة تصل إلى مليار ونصف المليار ريال. كما كشفت عن أن الفرد السعودي يهدر 250 كيلوجرامًا من الطعام، بينما ينام نصف مليون جائع حول العالم دون طعام.
رئيسة المركز الإعلامي بالمؤتمر منى القحطاني قالت: “المؤتمر يأتي في وقت مهم جدًّا، ويعول عليه في الخروج بنتائج مهمة في الإطار المرسوم له لتوعية المجتمع، فضلاً عن أهمية بيان الأرقام والإحصاءات للكميات المهدرة من الأطعمة، وإيضاح سبل توجيه حفظها، والجهات المعنية بذلك، إضافة لترسيخ ثقافة الترشيد في إعداد الطعام؛ ما يُسهم في الحد من الهدر الحالي في الأكل”.
وأشارت “القحطاني” إلى الدور المهم الذي تلعبه وسائل الإعلام في التأثير المجتمعي، وإظهار تلك الأرقام بصورة قوية في وسائل الإعلام. مبينة أن هناك عددًا من المشاركات في المؤتمر من قِبل إعلاميين مؤثرين؛ إذ سيستضيف المؤتمر خلال يومه الثاني أوراق عمل، تتمحور حول “دور الإعلام الجديد في نشر ثقافة حفظ الطعام من الهدر”، ويقدم المحور كل من: الإعلامي الدكتور بركات الوقيان، والإعلامي ياسر العمرو، ومدير جمعية إطعام المنطقة الشرقية فيصل الشوشان.
وبدأت جلسة اليوم مع المتحدث الأول الأمين العام لجمعية إطعام “المهندس عبدالعزيز النغيثر”؛ حيث ذكر في بداية حديثه أن كل ثلاث ثوان يموت شخص من الجوع حول العالم، مضيفاً أن الهدف الأساسي للجمعية كان توعية أفراد المجتمع للتقليل من هدر الطعام، ولكن كميات الطعام الهائلة التي تهدر يومياً جعلت الجمعية تلجأ لإيصال الأطعمة للفئات المستهدفة والمحتاجة، كما قدم دعوة إلى أصحاب المشاريع لإنشاء مصانع لتدوير تلك النعم.
وأضاف أن المملكة تهدر تقريباً جميع ما تنتجه سنوياً، وتهدر ما يقارب خمسين طنًّا من الخضراوات، في المقابل “12 %” من سكان العالم لا يجدون الغذاء، مشدداً على أن أكثر ما يميز جمعية إطعام أنها بدأت حيث انتهى الآخرون، وقامت بالتطوير فلم تبدأ من الصفر، بل استفادت من تجارب الدول المجاورة، مثل مصر وغيرها.
وأورد “النغيثر” إحصاءات متعلقة بالهدر الغذائي بالمملكة؛ حيث يستهلك الغذاء المهدر سنوياً “173” مليار متر مكعب من الماء، بما يؤدي إلى انبعاث مليار طن من غاز الميثان، مشيراً إلى أن كمية الهدر في الخبز والمعجنات بلغت “35 %”، إضافة إلى “30 %” حجم الهدر من الأرز المستورد، وخمسة أطنان يومياً الفاقد في أسواق الخضراوات بالرياض.
وذكر المتحدث الثاني “الدكتور معز الشهدي” العضو المؤسس والرئيس التنفيذي لبنك الطعام المصري؛ أن هناك فرقاً بين منظومتي الفقر والجوع، مبينًا أنه لا بد من وجود استثمارات تضمن استمرارية تلك البنوك مثل الوقف، ويرى أن الحل لا يكون بزيادة الإنتاج، ولكن إذا حافظنا على ما يهدر سنقضي على الجوع في العالم.
ونوه إلى أهمية محور تنظيم عشوائية العمل الخيري من خلال وجود منظمات وبنوك لحفظ الطعام من الهدر وإيصال الصالح منه إلى مستحقيه.
واقترح الدكتور “الشهدي” على وزارة التعليم في المملكة إضافة دروس في المقررات الدراسية لتوعية الجيل القادم منذ الصغر على أهمية حفظ النعم وتعزيز هذه القيم، وطالب بوضع قوانين تجرم المسرفين في إهدار الأطعمة.
وبدوره استعرض “الدكتور معز الشهدي” المدير التنفيذي لبنك الطعام المصري، تجربة البنك في استثمار فائض الطعام لسد احتياج الأسر المصرية الفقيرة من الطعام اليومي خلال فترة 2006–2015؛ حيث أوضح أنه في عام 2006م بلغ عدد الأسر المستفيدة نحو 10 آلاف أسرة، وفي 2015 أصبح هناك 250 ألف أسرة يصل إليها طعام.
كما كشف “الشهدي” عن تفعيل دور البنك في استثمار الأضاحي وتوجيهها للأسر المحتاجة من خلال التوزيع المباشر أو التعليب طويل الأجل؛ حيث استفاد من هذه اللحوم خلال عام 2015م اثنان وعشرون مليون مستفيد، بمشاركة 46 ألف متطوع ومتطوعة.
وطالب “الدكتور معز الشهدي” بإصدار تشريعات وقوانين لتقنين الهدر الغذائي والمحافظة على النعمة، كاشفاً عن نقل فكرة البنك المركزي لـ29 بنك طعام في المنطقة تطبّق إستراتيجيات عمل البنك.
كما أشار “Dr.craig alan” مدير الخدمات الميدانية ببنك الطعام العالمي؛ إلى أن ما نهدره من الأطعمة يفوق عدد الجائعين بثلاثة أضعاف؛ مما يعني أننا قادرون على حل مشكلة الجوع حول العالم بسهولة، ويرى أن السبب الرئيس لإنشاء بنوك الطعام هو فشل الحكومات في توزيع وإيصال الطعام لجميع من يحتاجها.
وأضاف أن النظام العالمي لبنوك الطعام يعتمد على ثلاث ركائز لكي ينجح؛ فيحتاج إلى طعام وصناديق طعام، وأخيراً لمتطوعين وداعمين، وشدد على أهمية وضع معايير صارمة على سلامة الطعام لتحقيق الجودة.
وشدد “craing nemitz” مدير الخدمات الميدانية ببنك الطعام العالمي في الولايات المتحدة على أهمية نشر الوعي حول الدور الإيجابي لبنوك الطعام، والتركيز على جهودها في الحفاظ على الغذاء ومحاربة الجوع.
وفي ثانية جلسات المؤتمر التي كانت بعنوان “الوعي الغذائي والاجتماعي وأثره على صحة المجتمع”؛ أكّد “الدكتور خالد بن نهار الرويس” المحاضر بجامعة الملك سعود على أن هدر الطعام هو السبب الرئيس في ارتفاع الأسعار، مشيراً إلى أن رفع الدعم عن السلع سيسهم في خفض هدر الطعام.
ونوه ممثل الأغذية والزراعة للأمم المتحدة بالمملكة إلى ضرورة التعاون وتنسيق المبادرات العالمية لخفض الفاقد والمهدر من الأغذية، وتطوير السياسات والإستراتيجيات في هذا الإطار، إضافة إلى دعم برامج ومشاريع الاستثمار التي يتولى القطاع العام والخاص تنفيذها، باعتبار ذلك من أهم ركائز المبادرات العالمية.
من جانبه ذكر “المهندس عبدالله العمران” رئيس المجلس البلدي بالرياض في الجلسة الثالثة والأخيرة من جلسات مؤتمر إطعام الدولي الأول في يومه الأول؛ أن معدل النمو السكاني في مدنية الرياض يزداد بنسبة “4 %”؛ أي ما يقارب 200 ألف نسمة سنوياً، وأفاد أن جودة المعيشة مرتبطة بالتخطيط والتنظيم الجيد تطبيقاً لرؤية 2030.
وركز “الدكتور سعود الحقيل” مدير عام إدارة الإرشاد الزراعي على عرض الفاقد والمهدور في المملكة العربية السعودية؛ إذ ذكر أن المملكة تنتج 9 آلاف طن من الأطعمة، بينما تستورد 20 ألف طن، وكما قدرت وزارة الشؤون البلدية والقروية مقدار النفايات في المملكة لعام 2015 بما يقارب 14 مليون طن، بلغت نسبة مخلفات الطعام منها 28.
كما أشار الدكتور “الحقيل” إلى دور مبادرات التحول الوطني 2020 التي تتعلق بالهدر الغذائي ومجال الأمن الغذائي للحد من الفاقد والمهدر من الغذاء؛ حيث تقوم المبادرة على معايير وتجارب عالمية وممارسات جيدة للحد من الهدر، وأكد على ضرورة التقليل من حجم النفايات عن طريق إعادة تدويرها والاستفادة منها قبل التخلص منها.
كما دعت “الدكتورة ماجدة أبو راس” الأستاذ المساعد بكلية العلوم بجامعة الملك سعود إلى تصميم برامج لفرز النفايات التي يستهلكها الفرد، وأن على الدول أن تتجه للتخلص التدريجي منها. كما تحدثت عن “الاقتصاديات والتدوير والنفايات العضوية”، مضيفة: “تعتبر معظم دول مجلس التعاون الخليجي من ضمن الدول العشر الأولى عالميًّا في إنتاج النفايات على مستوى الفرد”.
وأشارت الدكتورة “ماجدة” إلى أن كمية النفايات المتولدة في المملكة لعام 2016م التي بلغت “14.283” مليون طن تقريبًا، ومعدل إنتاج الفرد في اليوم “1,25” كجم، وأن على العالم اليوم أن يتوجه إلى تغطيات ومعالجات جديدة بدل تدفق واستهلاك الأراضي.
وأضافت أنه حان الوقت أن تتبنَّى المملكة موضوع دخول استثمارات شركات كبرى؛ حيث تطرحها للشركات وتشترط عليها بعض الشروط مثل توظيف شباب سعوديين، مع تقنين صلاحياتها بحيث تقوم هذه الشركات بحل هذه المشاكل وإفادة الدولة بتقديم نسبة معينة من الربح.
واختتمت جلسات اليوم الأول من مؤتمر إطعام الدولي بأسئلة الحضور ومناقشة ما تم التطرق له في المؤتمر بشكل عام، وأشاد الحضور بثراء محتوى الجلسات وقيمة المعلومات المذكورة.
يُذكر أن المؤتمر يرعاه أمير منطقة الرياض، الأمير فيصل بن بندر آل سعود، وانطلق اليوم في مركز الحوار الوطني بـ 19 ورقة عمل، ويستمر يومَيْن، ويتم خلاله توقيع عدد من الاتفاقيات المحلية والدولية؛ للحد من إهدار الطعام في المملكة.